فيلتر العقارات

  • أسعار العقارات

  • نوع العقار

  • نوع الارض

  • المدينة

متروبوس اسطنبول.. الكل مستفيد

ميتروبوس

تجمع مدينة اسطنبول بين جمال الطبيعة والتطور العمراني، وبين جدية العمل فيها والبحث عن الراحة والاسترخاء في أيام العطل، وبين الوجه الحداثي والوجه التراثي، وبين الأماكن المكتظة بالناس وتلك الهادئة المحاطة بالسكينة.

كل ذلك جعلها مقصداً للسياحة والسكن فهي منبع الانبهار، وقبلة طلبة العلم فهي مدينة الثقافة، وملاذاً للمستثمرين فهي عاصمة الاقتصاد والأعمال والمشاريع.

النتيجة الطبيعية لما سبق أن يكون الازدحام المروري والسكاني ملازماً لمدينة اسطنبول، والذي يجعل الساكن فيها ضائقاً صدره، فلا يخرج من مكانٍ إلى آخر إلا ويحسب لذلك ألف حساب.

ولكن لكل مشكلة حلاً، إن أرادت الدولة أن تفكر في مصلحة مواطنيها، وتبحث عن راحتهم، وتحل أزماتهم، وانطلاقاً من ذلك خرجت الدولة التركية بمشروع المتروبوس في اسطنبول أحد أهم المشاريع في الدولة التركية بالقرن الواحد والعشرين.

لماذا سمي متروبوس؟

يتسائل البعض عن سبب تسمية المتروبوس بهذا الاسم، ولا سيما من قام بتجربته، كون النظرة الأولى للمتروبوس تعطي انطباعاً بأنه مجرد باص تقليدي، ولكن هنا يجب التفرقة بين الباص التقليدي والباصات المستخدمة في المتروبوس، إذ جاء اسم “مترو بوس” من كونه يجمع بين السرعة والانتظام في المواعيد التي تقدمها الخطوط الحديدية أو ما يعرف باسم المترو السريع، وبين شكل الباص التقليدي المعروف للجميع، وحجمه الذي يجعل تواتر الرحلات أكثر بكثير من المترو.

مشروع متروبوس اسطنبول.. ما فكرته؟

تقوم فكرة المتروبوس أو المتروباص على اقتطاع جزء من الطريق، ثم تسويره بالحديد، وذلك من أجل تخصيصه لسير باصات معينة دون أخرى، ودون أي مركبات ثانية أو دراجات أو أشخاص، فلا يسمح بسير سوى المركبات المخصصة لهذا الطريق.

وإذا جئنا إلى اسطنبول، فهذا المشروع قد حل مشكلة الازدحام المروري بكونه بديلاً عن باصات النقل العام والسيارات للراغبين في التنقل السهل بمدينة اسطنبول.

وهو ما أدى إلى الاعتماد عليه من قبل مختلف طبقات المجتمع، وعدم اقتصاره على الفقراء دون الأغنياء، إذ دفع بعض الأشخاص إلى ركن سياراتهم جانباً والتنقل عبره، ولا سيما في ساعات الذروة من الازدحام.

بدأ هذا المشروع في مدينة اسطنبول عام 2007، وكان على عدة مراحل، علماً أنه غير موجود إلا في دول قليلة جداً حول العالم أبرزها تركيا وكوريا الجنوبية.

متروبوس اسطنبول.. مزايا متعددة

يقطع المتروبوس مدينة اسطنبول، من الغرب إلى الشرق، بشكل عرضي، فيصل اسطنبول الاسيوية باسطنبول الاوروبية، على امتداد يزيد عن 50 كم، مقسم على 44 محطة، 37 منها في القسم الأوروبي و7 في القسم الآسيوي، وإذا ركبت في أولها ونزلت في آخرها فلن يهدر ذلك من وقتك أكثر من ساعة ونصف، بينما تستغرق أضعاف هذه المدة إذا ما اخترت وسيلة نقل أخرى.

كل 30 ثانية تقريباً تمر حافلة متروبوس، والتي يقابلها في بعض الأحيان 30 دقيقة من الانتظار لباص النقل العام حتى يأتي، وساعات حتى يصل إلى وجهته حين ساعات الذروة، والتي تكون من السابعة إلى العاشرة صباحاً ومن الخامسة إلى الثامنة مساءً، والمرتبطة بدخول وخروج الموظفين.

باصات المتروبوس والتي تتألف من مركبتين متلاصقتين، توفر وسائل التدفئة شتاءً، ومكيفات التبريد صيفاً، وكذلك شاشات تعرض للراكب محطته الحالية، والمحطات القادمة، والانترنت المجاني، والتوقيت.

علماً أن المتروبوس يعمل 24 ساعة يومياً دون توقف، ويتم تبديل السائق باستمرار في اليوم الواحد، حتى لا يتعرض للإرهاق وبالتالي للحوادث.

متروبوس اسطنبول.. الكل مستفيد

قوة هذا المشروع وعظمته تكمن في أن الجميع مستفيد، من الدولة إلى الشركات إلى المواطن، فتركيا توفر 242 طن من الوقود يومياً جراء استخدامها المتروبوس عوضاً عن وسائل نقل أخرى، وبالتالي توفير 700 ألف دولار يومياً سعر الوقود الذي تم توفيره، بحسب يوسف كاتب أوغلو، الخبير الاقتصادي التركي الذي قدم هذه الأرقام ضمن مشاركته بالحلقة الثالثة من برنامج خواطر (الجزء السابع) عام 2011.

أما الشركات فتستفيد من المشروع، بوضع إعلاناتها في محطات الانتظار، وداخل حافلات النقل، ضامنةً بذلك أن يراها مئات الآلاف من الركاب يومياً، إذ وصل عدد الركاب في إحصائية عام 2019 إلى حوالي مليونين راكب يومياً، مما يعود على الشركة بالشهرة، والدولة بالمال، والمواطن بأسعار النقل المنطقية.

وأما المواطن فيوفر في السنة 316 ساعة جراء استخدامه المتروباص عوضاً عن سيارته أو وسيلة نقل أخرى، وذلك بحسب أوغلو.

وقفة أخيرة..

ترفع الدول المتأخرة كل فترة أسعار الوقود تارةً، وتكلفة ركوب المواصلات تارةً أخرة، دون أن توفر للمواطنين وسيلة نقل تريحهم، وتوصلهم إلى وجهاتهم بسرعة، وتؤمن لهم التدفئة شتاءً والتبريد صيفاً، مقدمةً مصلحتها على مصالح الجميع، وهو ما حاربته تركيا في طريقها إلى النهضة، إذ وضعت مصلحة المواطن أولاً ثم سارت على ذلك.

 

بقلم: محمد الريس

.